مغيث و بريرة

  مغيث و بريرة روى البخاري في صحيحه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لعمه : ( يا عباس ، ألا تعجب من حب مغيث بريرة ، ومن بُغض بريرة مغيثاً )!  وبريرة كانت عبدة مملوكة لأناس من الأنصار وكان لها زوج اسمه مغيث ، تاقت نفس بريرة إلى الحرية فكاتبت أسيادها لأجل العتق وقصدت الصدِّيقة بنت الصِّديق عائشة -رضي الله عنها- كي تساعدها في مبلغ عتقها ، وعندما تنشقت بريرة أنفاس الحرية الأولى  فكرت في امر زوجها ، فالشرع يعطي الأَمَة إن تحررت خيار أن تبقى مع زوجها أو تفارقه ، فقررت بريرة أن تترك مغيثاً فكان مغيث يلحق بريرة قي طرقات المدينة باكياً يرجوها أن ترجع إليه ، ولكنها لا ترأف لحاله ولا ترحم حزنه لما يئس مغيث أن ترجع بريرة إليه قصد الرحمة المهداة طالباً منه أن يشفع له عندها ، فقال لها النبي -صلى الله عليه وسلم- : يا بريرة ، لو راجعته فإنه زوجك وأبو ولدك ، فقالت له : يا رسول الله ، افتأمرني؟ ، فقال : إنما أنا شافع ، فقالت :لا حاجة لي فيه! الدرس المستفاد: الحب من طرف واحد مذلّة صحيح أن الله خلق فينا قلوباً تسقط أحياناً بالضربة القاضية أمام حبيب ، ولكنه بالمقابل خلق فينا إرادة كي لا نتنا...

جرّة ذهب

جرة ذهب

    روى البخاري في صحيحه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:

اشترى رجل من رجل عقاراً له ، فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرّة فيها ذهب فقال له الذي اشترى العقار:

خذ ذهبك مني ، إنما اشتريتُ منك الأرض ولم أبتع منك الذهب وقال الذي له الأرض : إنما بعتك الأرض وما فيها

فتحاكما إلى رجل ، فقال: ألكما ولد؟ قال أحدهما: لي غلام ، وقال الآخر : لي جارية ، 

قال : أنكحوا الغلام الجارية ، وأنفقوا على أنفسهما منه ، وتصدّقا!


الدرس المستفاد:

الورع في هذه القصة مذهل

سواء من البائع أو من المشتري وقد قال الأوائل : الورع ترك تسعة أعشار الحلال مخافة الوقوع في الحرام!

وهذا برأيي -بعيداً عن جمال العبارة وحسن تنميقها- شاق وفيه مبالغة

وأجمل ما قيل فيه قول ابن تميمة رحمه الله: 

الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة

والورع ترك ما تخاف ضرره في الآخرة!

إذاً ترك أغلب الحلال لا يلزم ليكون الإنسان ورعاً ، وما دام الله قد أحل شيئاً فهو حتماً لا يضر بالآخرة ولكن أحياناً

لا تكون الأمور واضحة جليّة ، هنا يأتي دور الورع فالذي اشترى الأرض إنما تورّع أن يأخذ جرّة الذهب

لأنه اعتبر أنه سيأخذ ما ليس له لأن صك البيع شمل التراب ولم يشمل ما فيه ، والبائع إنما تورّع عن أخذها 

لأنه اعتبر أنه الأرض بما فيها ، وما أجمل أن يتعامل الناس فيما بينهم بالورع قبل أن يتعاملوا بالعقود

وأن يتعاملوا فيما بينهم بالأخلاق قبل أن يتعاملوا بالقوانين 

وعلينا أن نعرف أن القوانين و المحاكم إذا أعطتنا ما ليس لنا فهذا لا يجعله حلالاً!

وقد قال سيدنا -صلى الله عليه وسلم- : (إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إليّ ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته 

من بعض فأقضيَ له على نحوٍ مما أسمع ، فمن قطعتُ له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من نار)!


من كتاب ( مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ) -أدهم شرقاوي-


شاركنا في التعليقات بكتابة درس آخر مستفاد من الحديث السابق

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جُريج العابد

ديَن و سَداد

السحابة